مثلما الموظف له دور يقوم به من خلال منصبه الوظيفي كذلك المشاريع التجارية لها دور تقوم به من خلال منصبها الوظيفي الذي تم تحديده من قبل الريادي (أو الفريق الريادي) لخدمة جمهورهم.
تصور جديد
في مقالة لماذا تريد أن تبدأ مشروعًا تجاريًا وضحت أنه من المهم أن تبدأ بتحديد الغاية والمقياس قبل أن تبدأ بتحديد الجمهور والمشكلة التي تحاول حلها من خلال مشروعك.
عندما تحدد المشكلة التي تحاول حلها من خلال مشروعك أن تحدد (وظيفة) مشروعك.
عندما تريد أن تصلح عطلاً في منزلك، أنت لا تستخدم الفني، بل توظفه لإصلاح العطل. اختيارك لهذا الفني من أجل هذه الوظيفة قد يكون بسبب السعر، قريباً من المنزل، تعاملت معه من قبل وحظي على رضاك، ملتزم بالوقت، وغيرها من الأسباب التي تجعلنا نوظف الأفراد لإنجاز عمل. وفي نفس السياق نحن نوظف الخدمات من أجل إنجاز عمل.
عندما تغير حالتك الذهنية من أن الجمهور (يستخدم) إلى أن الجمهور (يوظف) مشروعك. ستنظر لمشروعك من ناحية إستراتيجية وتسويقية مختلفة كليًا.
فرص نمو تتخطى حواجز الأسواق
تصور موظف يُعد تقريراً أسبوعي، ويعتمد على برنامجك الذي يجب تحميله على جهازه. بعدما ينتهي من التقرير يحفظ الملف على سطح مكتب جهازه، ثم يعمل على إنشاء رسالة إلكترونية، والتي محتواها يكرره كل أسبوع مع اختلافات بسيطة مثل فترة التقرير في عنوان الرسالة، ويرفق الملف في الرسالة ثم يضغط على إرسال لتصل لمديره من أجل المراجعة النهائية قبل اعتماد التقرير.
بعدما عرفت ما هي وظيفة مشروعك، يمكنك تحسين التجربة من خلال سرعة إنجاز عمل الموظف. من خلال تقديم البرنامج في هيئة البرمجيات كخدمة (SaaS: Software as a Service).
في هذا التصور الجديد، الموظف ينتهي من تقريره من خلال المتصفح، لا حاجة لتحميل برنامج. وبالضغط على زر واحد. يتم إنشاء الرسالة وتعديل النص وفق قالب بمتغيرات مثل متغير للتاريخ (يعدل التاريخ وفق الفترة التي يتم فيها إرسال التقرير) مع إرفاق الملف. وتصل لمدير الموظف للمراجعة. وبدوره المدير فقط عليه ضغط زر واحد للموافقة، ويصل إشعار للموظف بأن التقرير تم مراجعته.
عندما تدرك وظيفة مشروعك في حياة الجمهور يمكنك أن تحسن، وإن لزم الأمر تبتكر تجربة جديدة تتوافق مع ما يطمح له جمهورك من أجل إنجاز الوظيفة التي من أجلها وظفوا مشروعك.
أنت غير مقيد بحدود السوق الافتراضية، أنت مرن وتكيف نموذج عمل مشروعك التجاري وفق وظيفة جمهورك.
تخيل لو كنت تُصنع آلات الكتابة قبل عصر الحاسب الشخصي، بعد ظهور الحاسب الشخصي ولأنك تدرك وظيفتك (مساعدة الجمهور في تحويل إبداعاتهم لنص مقروء). واكبت التغييرات الجديدة وصممت برنامجاً لتحرير النص يتم تحميله. لاحقًا ومع ثورة الإنترنت انتقلت إلى البرمجيات كخدمة وأيضًا توسعت في عروضك لجمهورك مثل إضافة باقات لمن يعمل مع فريق.
الوظيفة لم تتغير، ولكن أنت تغيرت وتطور نموذج عمل مشروعك التجاري لتستمر في خدمة جمهورك مع مراحل تطورهم. بما أنك غير مقيد بحدود السوق، تعريفك لمن هم منافسون مشروعك ستتغير مع الوقت. ولعل هذا اتضح لك مع المثال السابق من آلات الكتابة إلى البرمجيات كخدمة.
وظيفة مشروعك تعتمد على خمسة
- من؟ (الجمهور)؛ من يقوم بالعمل الذي تحاول خدمته.
- النتيجة؟ ما هي النتيجة التي بموجبها يحكم الجمهور على جودة الخدمة ونهاية العمل.
- كيف؟ ما هي الخطوات التي يجب أن يقوم بها الجمهور ليصل إلى النتيجة.
- لماذا؟ الحافز الذي يدفع الجمهور ليتصرف بطريقة معينة أثناء إنجاز العمل أو لماذا النتيجة مهمة لهم؟
- السياق. أين ومتى يجب أن تنفذ الخطوات التي من خلالها يصل الجمهور إلى النتيجة.

الجمهور يريد أن يوظف مشروعك من أجل مساعدته في خطواته لبلوغ النتيجة. هذه النتيجة في الغالب يجب أن تكون في سياق محدد (وقت ومكان).
في الجمهور قد تصادف بأن من يقوم بالعمل ليس حتما هو من يقوم بالدفع.
مثلاً تطبيقات الأطفال. الأطفال هم الجمهور المستهدف لاستخدام التطبيق، ولكن من يقوم بالإشراف والدفع هم أولياء هؤلاء الأطفال. والمشاريع التي تخدم الأعمال ستواجه تقسيمات للجمهور مشابهة. مثلاً، هناك من دوره الشراء، وآخر فقط الاستخدام وأيضًا من دوره تقييم واتخاذ القرار النهائي بشأن الموافقة على الخدمة.
الصورة توضح التفرعات المحتملة لمجموعة (من) التي لها علاقة بالعمل الذي يحاول الجمهور إنجازه، والذي بدوره أصبح وظيفة مشروعك.

النتيجة التي يسعى الجمهور لبلوغها ليس لها علاقة بما تقدم. لأن الجمهور كان وما زال يقوم بإنجاز العمل حتى قبل أن تحاول أنت مساعدته. أنت فقط أقحمت نفسك في حياتهم بأن تساعدهم في إنجاز العمل وبلوغ النتيجة بطريقة أفضل. فهذه وظيفتك ووعدك لجمهورك.
فهم خطوات الجمهور الحالية في إنجاز العمل ستساعدك في تصميم حل مناسب لهم. هذا التفهم منك بحالة جمهورك سترسخ في ذهن الجمهور بأنك متفهم لهم ولحالهم. وبأنك تدرك دورك في حياتهم.
فهم خطوات الجمهور ولماذا بلوغ النتيجة مهم لهم ستساعدك أيضًا في التوسع لمجالات أخرى من شأنها توسعة مصادر إيراداتك.
إذن، ستصبح راسخاً في ذهن جمهورك بأنك حقًا متفهم لاحتياجاتهم وأيضًا ستساعد مشروعك في التوسع لمصادر إيرادات جديدة وتضخيم المصادر الحالية.
عندما تحاول فهم احتياج جمهورك لتحديد الوظيفة المناسبة لك من أجل خدمتهم، ستجد أنه من الجيد لك صياغة عباراتهم وفق قالب محدد. هذا سيسهل عليك مقارنة الأعمال المختلفة، وكيف ممكن أن تخدمها بشكل مناسب.

مثلاً، عندما يطلب عميل استشارة بعد تعبئة نموذج الاستشارات على الموقع، أريد تنبيهي حالاً وجدولة الطلب في التقويم، من أجل الإعداد للاستشارة.
وإذا تريد أن تتعمق أكثر ممكناً أن تصمم خريطة تصف رحلة الجمهور من البداية إلى نهاية إنجاز العمل والمشاعر (السلبية والإيجابية من خلال استخدام الإيموجي) بالإضافة للسياق الذي يتم فيه كل خطوة.

كيف تكتشف وظيفة مشروعك؟
اكتشاف وظيفة مشروعك ستعتمد أولاً على تحديد جمهورك والعمل الذي يحتاجون المساعدة فيه. هذه المقالة ستفيدك في ذلك. (لاحظ بأننا لا نقسم الجمهور وفق بيانات سكانية بل وفق أعمال يريدون إنجازها).
إذا الجمهور تجده يعاني من إنجاز العمل ويحاول جاهدًا لإنجازه، أنت وجدت جمهوراً ومشكلة تستحق الدراسة.
تذكر بأن ما تقدم للجمهور ممكن يكون تعديل بسيطاً على النموذج الحالي السائد، وربما يكون تغيير جذرياً للنموذج السائد. مثلاً، سابقًا كان من الصعب إيجاد سيارة أجرة في الوقت والمكان الذي تريد. في هذه الحالة، من الممكن أن تقدم حلاً يحسن من الوضع لحالي، تطبيق يربطك بسائقي سيارات الأجرة. أو ربما تبتكر نموذجاً جديداً كليًا مثل ما فعلت أوبر وغيرها من الشركات المشابهة لنموذجها، بأن أي شخص (إذا توفرت فيه الشروط اللازمة) ممكن أن يكون وسيلة مواصلات لك.
جمهورك يسعى لتوظيف مشروعك؛ لأنك تساعدهم فيما يحاولون بلوغه. أنت إضافة مهمة في حياتهم، هذه الإضافة ممكن (أسرع، أسهل، أرخص، شعور جميل، كفاءة، جودة، تنوع، رخاء، تقليل المخاطر، متعة، تكافئك، محفزة، الانتماء، اكتشاف الذات، تواصل، تنظيم، كسب المزيد من المال، جمالية التصميم، البساطة).
مهما كانت طبيعة هذه الإضافة في حياتهم، من زيادة ما هو إيجابي (زيادة الدخل) أو تقليل ما هو سلبي (تقليل المصروفات). أنت تساعدهم في إحراز التقدم الذي يطمحون له عندما يقومون بالعمل من أجل بلوغ النتيجة.
جميع الخدمات التي تجد نفسك تثني عليها للآخرين، هي بسبب أنها حققت لك تلك الإضافة المهمة في حياتك، وساعدتك على إحراز التقدم المرغوب.
هذا التوظيف ليس مقتصراً على المشاريع التقنية. كل مشروع تجاري يقوم بتأدية وظيفة في حياة جمهوره. كلما أدركت هذه الحقيقة كلما استطعت أن تحقق مكاسب كبيرة، وأن تكون جزءاً مهماً في حياة جمهورك، وفي أي مشروع تقوم به.
قراءات إضافية
- ماذا تريد أن يصبح مستخدمي خدمتك؟
- علينا فقط بناء الخدمة وسيأتي لنا العملاء
- الفرق ما بين المنافع و المميزات عند التطوير
- كيف ابدأ مشروع ناجح
- والمزيد ينتظرك في صفحة الفهرس
غلاف المقالة من عمل Clem Onojeghuo