الكثير سيحاول حل هذه المشكلة بتجربة أحدث استراتيجية تسويق سمعها، أو ربما ينفذ تكتيكات تسويقية نفذتها منشأة منافسة. ولكن هذا خطأ. قبل الإستراتيجية والتكتيكات التي تنطوي تحتها أنت بحاجة إلى منظومة.
البداية
سألت مشتركي القائمة البريدية عدة أسئلة ومن ضمنها:
- بالنسبة لتطوير أعمالك، في أي مرحلة أنت الآن؟
- ما هو أكبر تحد يواجهك الآن في تطوير أعمالك وتجد نفسك تعاني منه؟
من كان في مرحلة (الإطلاق والنمو) كانت معظم معاناتهم تشابه الإجابة التالية:
بدأت بتجهيز المنتجات والانطلاق، ولكن لم أستطع الوصول للفئة المستهدفة والبيع بشكل كبير.
الإجابة يمكن تقسيمها إلى شقين “لم أستطع الوصول للفئة المستهدفة” و “البيع بشكل كبير”.
“لم أستطع الوصول للفئة المستهدفة”
هذه مشكلة في تحديد الفئة المستهدفة، وهذه قد تكون نتيجة عدة أسباب مثل:
- الإعتقاد الخاطئ من قبل الريادي في من هم الفئة المستهدف قبل البدء في تطوير أو تصنيع القيمة.
- عدم رعاية جمهور قبل البدء بتطوير أو تصنيع القيمة (دائمًا أنصح أنك تبدأ من الجمهور قبل القيمة، المزيد في القراءات الإضافية أسفل المقالة).
- الاكتشاف لاحقًا بأنه من الصعب الوصول للفئة المستهدفة أو أن الوصول لهم مكلف أكثر مما كان متوقعاً.
“البيع بشكل كبير”
لم يتم تقدير حجم الفئة المستهدفة بشكل جيد من قبل الريادي.
أو هي مشكلة تسعير.
أو ربما كنت تعتقد بأن الشريحة المستهدفة ستكرر عمليات الشراء ولكنهم لم يفعلوا.
أو ربما أنت بالغت في تقديراتك للتكلفة والبيع وبسبب ذلك أنت لم تبع بشكل كبير أو كافي ليكون المشروع مجدياً تجاريًا.
والآن بعدما تعمقنا في فهم المشكلة وبدايتها، حان الوقت لمعرفة الحل. والحل كما ذكرت في المقدمة هي منظومة.
المنظومة
العقل يحب المبادرة بإيجاد الحلول حتى وإن لم نعي المشكلة بشكل كاف. ولهذا تجد نفسك تبحث عن إستراتيجيات تسويقية جديدة. ولكن تجد نفسك لا تحقق النجاح الذي حققه من تحاول تقليده، لماذا؟
أنت بحاجة إلى منظومة. أو بالأصح إلى منظومة تسويقية مخصصة للقنوات التسويقية وكيفية التعامل معها. وفق خطوات محددة تساعدك للعودة لها ومراجعتها وتعديلها في كل محاولة من أجل تحسين فرص المحاولات القادمة. بدلا من القفز من إستراتيجية إلى أخرى. دعني أعرفك على هذه المنظومة. التي ستجعلك تصبح أكثر انضباطاً ومنهجياً. وتحولك إلى مثابر وتعيش في حالة ذهنية أفضل من قبل. هذه المنظومة تتكون من أربع مراحل.
قبل الحديث عن المراحل الأربعة، دعني أذكرك بنقطة مهمة. من الممكن (أو من الأفضل) أن تبدأ بإعداد هذه المنظومة وما سوف تقدم لك من قنوات تسويقية أثناء تطوير أو صناعة القيمة. لا تنتظر بعدما تنتهي. ولو أنك بدأت من الجمهور قبل العمل على القيمة ستجد أنك اكتشفت هذه القنوات التسويقية قبل تطوير أو صناعة القيمة.
1-العصف الذهني
الهدف من العصف الذهني هو أن تأتي بأكبر عدد ممكن من القنوات التسويقية التي ستساعدك في الوصول للفئة المستهدفة. لن تخلوا اقتراحاتك من إنحيازاتك لبعض القنوات عن البعض الآخر. ربما لأنك تجد نفسك متمكناً فيها، جربتها من قبل، سمعت الآخرين قاموا بالاستفادة منها.
لا تحصر نفسك فقط مع تلك القنوات التي تعرفها أو تعرف أن السوق يستخدمها، لأنك في غالب قد تجد نفسك تتجاهل بسبب انحيازاتك فرصاً جديدة عوضا عن الفرص الحالية التي المنافسة فيها عالية.
وإذا عملت على تصميم نموذج عمل تجاري ستجد نفسك قمت بهذه الخطوة في خانة القنوات من تخطيط نموذج العمل التجاري. من محاولة اكتشاف قنوات جديدة.
وهذه القنوات التسويقية ممكن أن تكون مثلا:
- الإعلانات المدفوعة. مثل محركات البحث مثل قوقل. أو المنصات الاجتماعية مثل إنستقرام، فيسبوك، تويتر، سناب شات.
- المؤثرون. لا تتجاهل هذه القناة فقط لأنك تسمع بأن المؤثر قد يطالب مبالغ أنت غير قادر على دفعها. هناك مؤثرين لا يمانعون من الإعلان مقابل الحصول على المنتج مجانًا.
- المحتوى المدفوع. قد تتواصل مع مدون أو منتج محتوى، وتسأله إذا يمكنه كتابة محتوى أو الحديث عنك مع جمهوره.
- الرعاية. ممكن ترعى قناة أو حلقة بودكاست.
- المحتوى التثقيفي. ممكن تبدأ مدونة تنشر فيها محتوى مناسب للفئة المستهدفة وفي المحتوى تذكر قيمتك. أو ربما تبدأ حساباً اجتماعياً تنشر فيه محتوى للمعجبين، وبعد ذلك تحوله لقناة تسويقية لمنتجك. هذه الاستراتيجية يستخدمها الكثير في التجميل.
- الشراكات. ربما ما تقدم يعتبر منتجاً أو خدمة مكملة لمنتج أو خدمة أخرى ممكن يحصل تعاون بحيث كلاكما يسوق لمنتج أو خدمة الآخر مع جمهوره.
- الإعلانات التقليدية. في الصحف أو اللوحات الإعلانية في الشوارع، أو محطات الإذاعة والتلفاز.
- التسويق بعمولة. تعطي نسبة (عمولة) لكل عملية يقوم بها المسوق لمنتجك. هذا شخص لا يعمل لديك ولا تدفع له راتباً. هو فقط يحصل نسبة مقابل كل عملية بيع.
- فرق المبيعات والتسويق. ربما لديك القدرة على تكوين فرق مبيعات وتسويق تتواصل، وتنشر ما تقدم مع الفئة المستهدفة.
- المعارض والمؤتمرات.
هذه فقط أفكار لقنوات تسويقية محتملة. لاحظ أن الهدف في هذه المرحلة هو مجرد العصف الذهني. وتذكر بأن الأفكار الأولية ستكون لقنوات أن تعرفها، أو سمعت عنها لذلك حاول أن تتحدى نفسك بأن تأتي بأفكار جديدة حتى لو بدأت لك غريبة أو مستحيلة.
2-الترتيب
الهدف من الترتيب هو تنظيم ما قمت به في العصف الذهني من أفكار لقنوات تسويقية محتملة.
ستصنف القنوات إلى أحد هذه المجموعات الثلاث:
- جوهرية. ستضيف لهذه المجموعة القنوات التي تتوقع بأن تحقق لك العائد الأكبر الآن.
- ممكنة. ستضيف لهذه المجموعة القنوات التي من الممكن أن تنجح ولكن لن تحقق النتائج التي ستحققها الجوهرية.
- طموحة. ستضيف لهذه المجموعة القنوات التي ستستغرق وقتاً أطول لتأسيسها، أو لن تحقق ما تريد بالسرعة أو الكمية التي تتوقع.
هذه الأسئلة ستساعدك في عملية ترتيب القنوات:
- هل تملك المال، المعرفة، المهارات والموارد البشرية اللازمة لإنجاح القناة؟
- هل القناة ستساعدك في الوصول للحجم المناسب للفئة المستهدفة من أجل تحقيق أهدافك الربحية؟
- إذا الوقت مهم لك، ما هي القنوات التي تحقق ما تريد في الوقت الذي تحتاج؟
من أجل التركيز. حاول أن تقلص الجوهرية إلى ثلاث قنوات فقط. إذا أكثر من ثلاث أضف الزيادة لمجموعة الممكنة أو الطموحة.
ثلاث يبدوا عدد مناسب لتختبر فاعلية تلك القنوات من مجموعة الجوهرية في الوقت نفسه عوضا عن اختبار كل قناة بعزله.
عندما تختبر ثلاثة معًا ولديك قائمة من القنوات المحتملة في الممكنة والطموحة. أنت تقلل من خطر أن تركز على قناة واحدة وتستمر عليها بالرغم من أن نتائجها لا تشجع فقط لأن ليس لديك سواها. أنت منهجي ومنظم في سعيك نحو الفئة المستهدفة.
3-الاختبار
حان الوقت لتختبر فاعلية تلك القنوات التي اخترت من مجموعة الجوهرية.
عوضا عن حملة ضخمة وموسعة ممكن أن تجري حملة صغيرة ومركزة لتعطيك انطباعاً ومؤشرات هل القناة مناسب لك في الوصول للفئة المستهدفة أو لا؟
من هذه المؤشرات:
- الربحية. من هذه البيانات ممكن تعرف كم سيكلفك استقطاب شخص واحد من الفئة المستهدفة من خلال هذه القناة. وبناء على هذه المعلومة وكم معدل شراء الشخص الواحد ستعرف هل القناة مربحة لك أو لا.
- التوافق. هل الأشخاص الذين تستقطب من هذه القناة هم بالفعل من تريد أن يكونوا جمهورك ومن تريد أن تخدم؟
- الوفرة. هل القناة قادرة على جلب العدد الكافي لك من الفئة المستهدفة؟ أو هل ستصل لمرحل التشبع والمنافسة من الآخرين على الفئة المستهدفة من هذه القناة؟
4-التركيز
إذا سار كل شيء على ما يرام ستجد قناة من الثلاثة تبشر بالخير. ركز جهود أكثر الآن على هذه القناة.
هل يعني هذا أن تتجاهل القناتان الأخرى من مجموعة الجوهرية؟
يعتمد. ربما تلك القنوات تحتاج منك العناية والاهتمام حتى لا تخسرها عندما تحتاج لها. ولكن مما لا شك فيه ستجد نفسك تركز بشكل مكثف ومركز على تلك القناة الوحيدة التي حققت لك نتائج إيجابية في الاختبار.
مع الوقت ستحسن فاعلية تلك القناة، وستكتشف تكتيكات أكثر كفاءة لاستغلال هذه القناة.
وعندما تصل القناة لمرحلة التشبع أو أنها لا تفي لمتطلباتك الجديدة، انتقل لقناة أخرى من مجموعة الجوهرية.
بإمكانك جعل هذا التمرين التسويقي تمرين مجدول مع الفريق. بحيث يتم تحديث المجموعات بشكل مستمر. هذا سيساعدك لإغتنام أي فرصة وتضمن أن لديك خط إمداد جيد ومستمر من القنوات التسويقية وبالتالي للفئة المستهدفة. ولربما يساعدك في إكتشاف قنوات وفئات مستهدفة جديدة.
أمثلة
تويتر كانت بدايتها الحقيقية في معرض المشاريع التقنية الناشئة (SXSW) في أمريكا عام 2007. كانت موجودة الخدمة من قبل، ولكنها وجدت في هذا المعرض القناة المناسبة لها من أجل الوصول لفئتها المستهدفة والانتشار.
فيسبوك بدايتها كانت جامعة هارفارد. ثم تلتها الجامعات المجاورة. لاحقًا فتحت التسجيل للعموم. قناتها كانت الجامعات وفئتها طلاب الجامعات.
Mint شركة تساعدك في إدارة مصاريفك المالية الشخصية (تم الاستحواذ عليها من قبل الشركة العملاقة Intuit). جربت عدة قنوات ولكنها ركزت على المدونين المختصين بالإدارة المالية الشخصية من خلال رعاية مدوناتهم والمساهمة في كتابة مقالات في مدوناتهم.
الأمثلة كثيرة ولكن عندما تدقق في تاريخ تلك الشركات تجد أنهم اختبروا عدة قنوات وفقط عندما وجدوا القناة الجوهرية الأساسية ركزوا كل مواردهم عليها. لاحقًا عندما وصلت تلك القناة لمرحلة التشبع انتقلوا لقناة أخرى وهكذا.
قراءات إضافية
- لماذا تريد أن تبدأ مشروعًا تجاريًا؟
- كيف تصل لشريحة عملاء محددة؟
- ما هو الفرق بين الحاجة، الرغبة والمطالبة في التسويق؟
- مقياسان مهمان لاستمرار مشروعك (LTV و CAC)
- والمزيد من المقالات تنتظرك في صفحة الفهرس
غلاف المقالة من عمل K V S T