fbpx

تركي فهد

التسويق للمشاريع الريادية التقنية يختلف عن غيرها

التسويق للمشاريع الريادية التقنية يختلف عن غيرها، لأن مسألة التركيز على فئة واحدة ليس فقط مطلباً لتعبئة نموذج عملك على Business Model Canvas أو Lean Canvas بل هو أهم بكثير، لدرجة أنك إذا أخطأت في تقديره تكون أنهيت مستقبل مشروعك حتى وإن كانت الخدمة المُقدمة مفيدة، حظيت بإعجاب وتغطية الكثير، وتُعتبر تحفة تقنية ليس لها مثيل.

لنبدأ بهذا المثال، “طلاب وطالبات الجامعات في دولة … ” هم الفئة التي تستهدف، ممكن أن يكونوا فئتك المستهدفة في نهاية الأمر، أو من تريد أن تخدم، أو من يحتاج خدمتك بشدة ودونتهم على نموذجك، وكل هذا جميل وصحيح، ولكن التسويق لمشاريع الستارت أب (خصوصا التقنية) تختلف عند التنفيذ عن غيرها. من كتبت أنهم فئتك المستهدفة قد ترى أنهم هدفك، ولكنهم في الحقيقة وجهتك وليس هدفك في البداية. سأفصل أكثر في هذا الموضوع، ولكن الآن دعنا نصحح الفئة السابقة، والتي سوف نركز عليها عند انطلاقة الخدمة لتصبح “طلاب أو طالبات كلية ___ في جامعة ___ في دولة ___” هم الفئة التي سوف تركز عليها الآن، على الرغم من أن الخدمة موجهة لجميع طلاب وطالبات الجامعات.

مثال من الواقع يوضح الفكرة أكثر، فيسبوك عندما بدأت الخدمة (على الرغم من أنها كانت مُهيئة لأن تكون للجميع) ركزوا في البداية على طلاب جامعة هارفارد فقط، وبعدها بدأوا بالجامعات الأخرى واحدة تلو الأخرى (عند التسجيل كان يُطلب منك التسجيل ببريدك الإلكتروني الخاص بالجامعة، وإذا كان الحساب من الجامعات المسموحة استطعت التسجيل بنجاح – هكذا استطاعوا التحكم بعملية التسجيل). بعدها سُمح للجميع بالتسجيل باستخدام بريدهم الخاص عندما أدركوا أن الخدمة مفيدة، ووصلت لمرحلة قبول عامة الجمهور (Mainstream).

الأمر يحتاج إلى الالتزام والانضباط لكي تنجح، على ورقة نموذجك من Business Model Canvas أو Lean Canvas ممكن تكون كتبت الفئة وبالتفصيل، ولكن عندما تبدأ قد يُغريك زيادة أعداد المستخدمين، فتبتعد عن التركيز على الفئة المستهدفة إلى التعميم لعامة الجمهور ظناً أن الكثرة هي الأهم والقلة لا يمكن أن تفيد الخدمة على المدى البعيد – قصر النظر هذا هو ما أنهى مشاريع كثيرة.

Geoffrey Moore في كتابه Crossing the Chasm يشرح ويحث المشاريع التقنية التركيز على فئة واحدة من أجل الوصول لعامة الجمهور (Mainstream) المتواجدين في أقسام Early Majority و Late Majority وفكرة الكتاب بإيجاز شديد:

المشاريع التقنية تمر بدورة حياة تسمى “دورة حياة تبني التقنية – Technology adoption lifecycle”، تبدأ من البداية نفسها، ولكن ليس شرط أن يمر المشروع التقني بجميع مراحل الدورة بنجاح فالكثير يسقط في مرحلة Chasm، ولا يستطيع أن يخرج منه وينتهي المشروع. المراحل وما يميز أفراد كل فئة كما يلي:

بعد هذا الشرح المختصر ستدرك أهمية التركيز على فئة واحدة حتى وإن كانت صغيرة في البداية وأهمية اتباع هذا الأسلوب التسويقي في المشاريع الريادية التقنية للنجاح وعبور حاجز ال Chasm، وعلى فكرة تنطق “Kasm – كازم” كما يذكر مؤلف الكتاب.

شرح مراحل تبني التقنية

Innovators: The Technology Enthusiasts

مهتمين بمتابعة جديد التقنية بشدة، مهما كان الهدف من هذه التقنية، فهؤلاء لديهم الحاجة المُلحة للحصول عليها حتى وإن كانت التقنية قيد التجربة. هؤلاء مهمان لك، لأن حديثهم عنك يمثل شهادة للجميع أن لديك منتج “جاهز”.

Early Adopters: The Visionaries

مثل Technology Enthusiasts مهتمين بالتقنية، ولكن من منظور مختلف، هؤلاء يجدون من السهل تصور، فهم وتقدير فوائد التقنية الجديدة لتلبية الاحتياجات العملية التي ممكن أن تقدمها الخدمة، وتعطيهم ميزة عن الآخرين. هؤلاء هم أهم الأفراد الذين تحتاج أن تحدد في البداية، وأن تتواصل معهم؛ لأن صوتهم مسموع ومحترم في فئتهم/سوقهم.

Early Majority: The Pragmatists

يشاركون Visionaries في فهم وتصور التقنية، ولكنهم يختلفون عنهم بأنهم منطقيون وحذرون جدا في قراراتهم للانضمام أو تجربة أي خدمة تقنية، شيء ثوري يخيفهم؛ لأنهم يدركون أن الخدمات التقنية تأتي وتذهب. لذلك تجدهم ينتظرون إلى أن يجرب الخدمة أحد من الفئة نفسها قبل أن يُقدموا على تجربة الخدمة (قد تتساءل الآن بعد قراءة الجملة الأخيرة كيف تصل لهذه الفئة إذا كان أفراد هذه الفئة يعتمدون على أن يقوم أفراد من الفئة نفسها بتجربة الخدمة؟ سأشرح هذه النقطة عندما أتحدث عن مرحلة ال Chasm).

Late Majority: The Conservatives

يشاركون Pragmatists في نفس ما يقلقهم بالإضافة ليسوا مرتاحين لاستخدام التقنية مثل Pragmatists. هؤلاء تجدهم ينتظرون إلى أن تصبح الخدمة التقنية هي المهيمنة على السوق، وأقصد بذلك عندما يتم الحديث عن السوق تُذكر الخدمة معه؛ لأنها هي من تقود السوق والمعيار الذي يُقاس به السوق والآخرون.

Laggards: The Skeptics

هؤلاء ينضمون للخدمة، أو يجربون التقنية فقط عندما يُجبرون عن محض إرادتهم لها. مثلا، تختفي الخدمة السابقة التي كانوا يستخدمون ويصبح عليهم إجبارا استخدام التقنية الجديدة.

Chasm

للوصول من Early Adopters إلى Early Majority تحتاج أن تعبر هذا الحاجز وهنا أكثر المشاريع التقنية تفشل ولا تحقق النمو المتوقع منها. السبب، إن الرسالة التسويقية التي بدأت بها الخدمة عليها أن تختلف لتستطيع الوصول للجهة الأخرى. أدركت الآن أن Innovators و Early Adopters بالنسبة لهم التقنية الجديدة مهمة، خصوصا Early Adopters، لأنهم يرون فائدة التقنية الحديثة، ويحاولون الاستفادة منها لجعلهم في الطليعة، وتعطيهم ميزة أفضل من غيرهم. هؤلاء لا تتعب في إقناعهم بتجربة الخدمة، ويتقبلون الأخطاء والمشاكل الحالية في الخدمة؛ لأنهم يدركون أن التقنية جديدة وهذا طبيعي. ولكن عندما تصل لمرحلة التشبع من هذا الجزء من السوق، ولا تشاهد أي تغيير أو زيادة، بالرغم من زيادة نشاطك التسويقي والسبب أن Early Majority على خلاف Early Adopters كما سبق أن شرحت يخافون من تجربة شيء ثوري جديد لم يثبت نفسه وآخر همهم إبلاغك بمشاكل تقنية. للوصول لهم عليك أن تجد فئة منهم مستعدين لتجربة الخدمة بحيث يصبحون هم القدوة للآخرين في التجربة والانضمام للخدمة، وهنا نصل للنقطة التي بدأت بها وهي أن تستهدف جزءاً من فئتك الذين يحتاجون بشدة خدمتك حتى وإن كانوا فئة قليلة؛ لأن هدفك الاستعانة بهم كنقطة عبور لبقية ال Early Majority. مؤلف الكتاب، يصف هذه الجزئية “بمضمار البولينغ – Bowling Alley” تخيل القطعة الأولى من البولينغ هم تلك الفئة الصغيرة، وعندما تسيطر عليها، وتسقطها في قبضتك يسهل أن تنتقل للأجزاء الأخرى من الفئة المستهدفة، وتسقطها الواحدة تلو الأخرى. عند ذلك تتبدد مخاوف Early Majority؛ لأنك أصبحت خدمة موثوقة “لحد ما” يستخدمها آخرون من نفس مرحلة Early Majority.

لماذا نخطئ؟

  • كما ذكرت سابقا، الرغبة السريعة بزيادة أعداد المستخدمين، سواء كانوا من الفئة أو لا (للأسف تجد أن المشروع في بدايته – مما يعني ما زالوا يبحثون عن نموذج عمل، ولم يتأكدوا بعد من ملائمة المنتج للسوق ومع ذلك تجد التفكير والتنفيذ متجهاً “للنمو”، وهذا خطأ).
  • اتباع سلوك الشركات في التسويق لعامة الجمهور (يحق لهم فعل ذلك لأن لديهم الموارد البشرية والمالية. أما أنت فلا، والأهم من ذلك لأنهم نجحوا في الوصول لنموذج عمل، وعبروا حاجز ال chasm والآن في طور النمو. أما أنت فلا).
  • عدم فهم الفئة المستهدفة ومراحل “دورة حياة تبني التقنية – Technology adoption lifecycle” (ربما كتبت الفئة، ولكنك لم تجزئه إلى أجزاء، ووضعت خطة لأي جزئ هم بحاجة ماسة لخدمتك لتسهيل عبور Chasm، ولم تكسب ثقة أي من أفراد المراحل؛ لأن رسالتك التسويقية مشتتة).

لماذا اتبع هذا الأسلوب؟

  • عند البدء مع فئة بسيطة من Early Adopters يسهل عليك اختبار الخدمة وسرعة التواصل مع الأفراد على مستوى شخصي؛ نظرا لأنهم فئة قليلة والعمل معا لتحسين الخدمة إلى أن تصل لملائمة المنتج مع السوق.
  • الانتقال من فئة لأخرى لا يتطلب تعديلاً على الخدمة وبالوقت نفسه تُلبي احتياجات الفئة الجديدة؛ ومن ثم تزيد المستخدمين المهمين (هؤلاء حقا مهتمون بالخدمة، وسوف يخبرون الآخرين عنها؛ لأنهم مقتنعون بفائدتها خصوصا في مرحلة Early Majority).
  • لعبور حاجز Chasm وللوصول لعامة الجمهور (Mainstream)، كما سبق أن ذكرت.

قمت بالإجابة على سؤال في خدمة Quora عن سبب نجاح فيسبوك. استعنت بنموذج Geoffrey Moore. أتمنى أن تجد في الإجابة شرحاً أكثر تفصيلاً عن ميكانيكية هذا النموذج في الواقع. رابط الإجابة.

أتمنى أن تكون المقالة وضحت أهمية معرفة مراحل تبني التقنية والعمل على استهداف فئة صغيرة – الأمر يستلزم درجة عالية من الالتزام والانضباط، ولكنه مهم لإنجاح المشروع.

كتابي الجديد : العبور

هل تريد:

أن تقوي شخصيتك حتى تستطيع اجتياز التحديات والصعاب.

أن تتعلم كتابة الأهداف وإنجازها.

أن تثري حياتك بالمزيد من التجارب والعلاقات الجميلة.

إذن كتاب العبور مناسب لك، بغض النظر عن أي فئة عمرية تنتمي لها، أو في مرحلة من حياتك أنت الآن.

المزيد عن كتاب العبور

القائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية ليصلك تنبيه عن مقالات المدونة الجديدة و المحدثة.

سوف نرسل لك رسالة لتأكيد إنضمامك للقائمة البريدية. تأكد بأنها لم تُرسل للبريد المزعج أو قسم الإعلانات.

اقرأ المزيد

شارك مع صديقك